المحتويات
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان، وحدد له عمرًا في هذه الحياة، قال الله تعالى{كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون}، وكل شخص يأتي له يومًا يرحل عن الدنيا.
وضع الله بعض المعايير والأمور التي يجب أن نفعلها حين يدرك أحد الموت، وأولها التغسيل والتكفين، ثم الصلاة على الميت، ثم الدفن، لكن ماذا تفعل إذا مات أحد أقاربك في بلد أخرى بدون صلاة ودُفن هناك أو لم تستطيع أن تحصل على جثته بسبب حادث ما.
في هذه الحالة يمكن أن تصلي صلاة الغائب، وهي مثل صلاة الميت (صلاة الجنازة) التي تُصلى على المتوفى، ولكن الفرق هنا أن المتوفى غائب.
حكم صلاة الغائب
هناك قولان مختلفان بمشروعية هذه الصلاة:
- قال الشافعية والحنابلة أنها صلاة مشروعة، ويجوز الصلاة على الميت الغائب، واستدلوا على رأيهم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي هذه الصلاة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش فهلم فصلوا عليه فصف الصحابة خلف النبي صلى الله عليه وسلم وصلوا على النجاشي صلاة الغائب.
قال الفقهاء الذين أجازوا هذه الصلاة أن يُصلى على الغائب حتى ينقضي شهر على وفاته، قال ابن قدامة (وتتوقف الصلاة على الغائب بشهر كالصلاة على القبر لأنه لا يعلم بقاؤه من غير تلاش)، واستدلوا على ذلك لأنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على القبر بعد شهر من دفن الميت.
اتفق الفقهاء على جواز صلاة الجنازة أو الغائب على أموات متعددين مهما كان عددهم ذكوراً وإناثاً فإنه تجزيء صلاة واحدة عليهم جميعاً، كما يحدث مع الشهداء، ومع الحوادث.
- اشترط الحنفية والمالكية حضور الجثة أثناء الصلاة، وقالوا عما ورد بخصوص صلاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم على النجاشي أنها من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم فقط، وأن النجاشي حين جاء أجله كان في بلد لا يوجد بها ولي من المؤمنين ليصلي عليه، لذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى هو وأصحابه عليه، واستدلوا أيضًا على قولهم بأنه توفى الكثير من أصحابه، ولم ينقل عنه أنه صلى عليهم.
كيفية صلاة الغائب
كما ذكرنا سابقًا أنها مثل صلاة الجنازة، لكن بالبداية سنتعرف على شروطها:
- أن يتحققوا من موت الشخص أولًا.
- أن يكون الميت مسلم، سواء كان كبيرًا أو صغيرًا، وذكرًا أو أُنثى، لأن الصلاة عليه شفاعة له.
- أن يُغسل ويُكفن في الثياب المخصصة للتكفين، فإن الرجل يكفن في ثلاثة أثواب، أما المرأة في خمسة، عَنْ عَائشِةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كُفِّنَ فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ.
وهذا الفرق بين الغائب والجنازة، أن الغائب لا يوجد بها الميت، إنما دفن الميت في بلد آخرى.
أما عن كيفية الصلاة:
- يكبر الإمام 4 تكبيرات، يقرأ في التكبيرة الأولى سورة الفاتحة، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يكبر التكبيرة الثانية، ويقرأ الصلاة الإبراهيمية: (اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ؛ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ؛ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ)
- ثم التكبيرة الثالثة، ويقول دعاء للميت مثل:
(اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَقِهِ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ)
فإن الدعاء للميت يغفر له ذنوبه ويرفع درجاته في الجنة، وينجيه من العذاب
- ثم يكبر الإمام التكبيرة الرابعة والأخيرة، ويسلم عن يمينه فقط ويقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ويجوز أيضًا أن يسلم عن يساره كذلك.
- أهم ما يميزها أنها الصلاة التي لا ركوع فيها ولا سجود، وأيضًا ولا قراءة مطولة.