المحتويات
إن الإنسان المسلم يحرص على رضا الله –عز وجل- في كل الأعمال التي يقوم بها، سواء أعمال دينية أو دنيوية وشخصية، ويحرص أيضًا على أداء الصلاة على أكمل وجه، والقنوت أو دعاء القنوت بصفة خاصة هو وجه من أوجه هذه الأعمال والعبادات.
والقنوت في اللغة له معانٍ عدة، منها الطاعة أو الخشوع، أو السكوت، أما المشهور في اللغة هو الدعاء.
والقانت هو الداعي والقائم بأمر الله، وفي الشرع هو الدعاء في الصلاة، وبالأخص آخر ركعة الصلاة.
حكم دعاء القنوت
- اختلف العلماء والفقهاء في حكم القنوت، قال الكساني (القنوت واجب عند أبي حنيفة)، واستدلوا على قوله بالوجوب بقول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي حين علمه القنوت (اجعل هذا في وترك)، لكنه لم يواظب عليها، لذا فهو لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن رأى المالكية والشافعية والحنابلة أنه سُنة.
لذا اتفق العلماء على أنه يجب على المأموم أن يتبع إمامه، فإذا ترك القنوت لم يقنت، وإذا فعله وقنت فيقنت معه، لعموم قوله النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به.
- أما بالنسبة لمحل القنوت، فقد اختلف العلماء والفقهاء أيضًا، فقال الحنفية والمالكية أنه في الركعة الأخيرة قبل الركوع، عن أبي كعب رضي الله عنه قال أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت قبل الركوع، لكن الشافعية والحنابلة والظاهرية قالوا أن القنوت بعد الركوع، واستدلوا بذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع).
لكن القول الأرجح أنه الصحيح في الركعة الأخيرة بعد الركوع، لكن إذا نسى المسلم في صلاته وقنت قبل الركوع فلا حرج في ذلك.
- وبالنسبة لرفع اليدين في دعاء القنوت، اختلف العلماء فيها ايضًا، قال الحنفية والمالكية أنه لا يجوز رفع اليدين أثناء الدعاء في الصلاة، أما الحنابلة فقالو أنه من المستحب رفع اليدين في الدعاء في الصلاة للاتباع، لأن عددًا من الصحابة رفعوا أيديهم في القنوت.
لذا إن الأرجح هو رفع اليدين في القنوت، ويكون الرفع إلى الصدر وبطون اليدين نحو السماء.
صيغة دعاء القنوت
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يطول في القنوت، وقيل أنه بمقدار سورة الانشقاق، ولا يوجد دعاء محدد يجب الالتزام به.
- عن الحسن ـرضي الله عنه ـ قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: (اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت).
قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الصبح، وفي الوتر بهذه الكلمات.
- وعن عمر رضي الله عنه أنه قنت في الفجر فقال: (اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُك وَنُؤْمِنُ بِك وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك، وَنَخْشَعُ لَك وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُكَ اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخَافُ عَذَابَكَ الْجِدَّ إنَّ عَذَابَك بِالْكَافِرِينَ مُلْحَقٌ).
بعض الأمور المتعلقة بالقنوت
- إذا شاء المسلم جهر بالقراءة، أو إذا شاء أسر، لكن وجب الجهر إذا كان إمامًا، والقوم يتابعونه في ذلك، لكن قال الحنفية قولان أنهم يتابعون الإمام، والقول الأخر أن الإمام لا يجهر بقراءة القنوت.
وقال الماليكة والحنابلة أنه لا يجوز أن يجهر بالقنوت، واستدلوا على ذلك بقول الله سبحانه وتعالى ( ادعوا ربكم تضرعًا وخفية).
- بالنسبة لمسح الوجه باليدين بعد دعاء القنوت، اختلف الفقهاء في ذلك، وكان القول الأول أنه مُستحب، والاستدال على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع يديه في الدعاء، لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه، ولكن هذا ضعيف لأنه هنا المقصود به الدعاء بصفة عامة وليس في الصلاة، لكن الأرجح أنه غير مستحب مسح الوجه باليدين في القنوت لأنه لم يثبت في النصوص.
- يوجد للقنوت مواضع مختلفة مثل قنوت صلاة الفجر، والقنوت في صلاة الوتر، والقنوت في النوازل ( أي الابتلاءات)، مثل المرض والبلاء والقحط في الصلوات الخمس المفروضة.