المحتويات
السجود هو أقصى درجات العبودية، وأجل مظاهر التذلل، وهو روضة خاصة، إذا دخلها القلب لا يخرج منها أبدًا، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء».
وهي لحظات شريفة، يكون العبد فيها قريبًا من ربه تبارك وتعالى، ويناجيه مناجاة تضرع وتذلل، ويُسمى هذا الدعاء دعاء السجود.
حينما يتأمل الإنسان في هذا السجود فإنه يجد أن الكون كله ساجد لله، قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ﴾.
ما هو دعاء السجود
السجود فيه لقاء من نوع خاص لا يَحضُره أحد ولا يُمنع منه أحد، فهو لقاء شفاف بين العبد وربه، وتختلط فيه الدموع مع الدعاء.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم عدّة صيغ لدعاء السجود والذكر فيه، منها:
- "اللهمَّ لك سجَدْتُ، وبك آمَنْتُ، ولك أسلَمْتُ، سجَد وجهي للذي خَلَقَه وصوَّرَه، وشَقَّ سَمْعَه وبصَرَه، تبارَكَ اللهُ أحسَنُ الخالقينَ".
- قول (سبحان ربي الأعلى) ثلاث مرات، ويُستحب ألا ينقص عن ثلاث تسبيحات، ولكن يمكن أن يزيد.
- ((سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي)).
- ((اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وَجِلّهُ، وَأوَّلَهُ وآخِرَهُ، وعَلاَنِيَتَهُ وَسِرَّهُ)).
- ((اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوْذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أنْتَ كَمَا أثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ)).
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بين الجلستين (رب اغفر لي، رب اغفر لي).
- يمكن أن يدعو العبد بما يحب في السجود، سواء بأمور تخص علاقته بربه، أو أمور دنيوية، أو الدعاء لأهله وأحبته، ولأمته ولبلاد المسلمين، لكن أولا يفعل ما ورد عن النبي، فيبدأ سجوده بما يُشرع قوله من الأذكار والتسبيح، ثم يكثر بعدها من الدعاء بما يشاء من أمور الدنيا والآخرة، فالدعاء في السجود ليس له حدود، ولكن الأولى الالتزام بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حكم دعاء السجود
- يلتصق المسلم في السجود بالأرض، ويتذكر به البداية والنهاية؛ لأن الإنسان في سجوده يمرّغ جبهته بالتراب فيتذكر أن أصل خلقته من التراب وأنه سيعود إلى هذا التراب، وأن الله سبحانه وتعالى حين يبعثه يوم القيامة، فالأرض لن تنس جباه الساجدين.
- والدعاء في السجود هو مندوب، والتسبيح (سبحان ربي الأعلى ثلاثاً) هو أدنى الكمال.
- والدعاء بشكل عام هو: توجُّه العبد إلى ربّه بطلب حاجته، وهو مندوب في كلّ وقت، فلم يجعل الله -سبحانه وتعالى- له وقتاً مُحدَّداً، أو حَدّاً مُعيَّناً.
فضل دعاء السجود
إن السجود هو الاعتراف في ذُلٍّ بعظمة الخالق وجبروته، وهو الطريق للمرور إلى الجنة إن شاء الله، والسجود هو موضع الدعاء الأكبر والأعظم في الصلاة لأنه إذا كنت قريباً كنت مؤهلاً أن تقدم دعاءً ذليلاً، وأنت ملتصقاً في الأرض، ذاكراً لفضل الله، وله عدة فضائل منها:
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: « عليك بالسجود فأنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة »، لذا حين تسجد وتدعو الله فيرفع الله درجاتك في الجنة، ويغفر ذنوبك وخطاياك.
- السجود فيه تفريج الهم، والكرب، وانشراح الصدر، وثبوت الإيمان في قلب المسلم، قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ﴾.
- من أعظم بركات و فضائل الساجدين أنهم يُبعثون يوم القيامة وجوههم مضيئة مشرقة من آثار السجود.
- حرّم الله عز وجل على النار أن تأكل آثار السجود.
- الدعاء بشكل عام هو أكرم عبادة عند الله سبحانه وتعالى، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم-: (ليسَ شيءٌ أَكْرَمَ علَى اللَّهِ منَ الدُّعاءِ)
- السجود يفرق ما بين الإنسان والشيطان، لأن الشيطان أُُمر بالسجود فأبى، وكان ذلك سبب حلول لعنة الله عليه، ثم جعل الله له العذاب في الآخرة.
- إنَّ في السجود أسباب لرحمة الله بعبده، ولمغفرة الذنوب والخطايا، والدعاء فيه من أفضل الكنوز التي يفوز بها المسلم.