المحتويات
أصلُ كلمة الصَّلاة في اللُّغة العَربيَّة كَلمة "الصَّلوَين" ومفردها "صَلا"؛ وهما عِرقان في جَانبي القَدم يَنحنيان في الرُّكوع والسُّجود.
ومن أفعال الصلاة غير قراءة القرآن وتكبيرة الإحرام، والركوع والسجود، هو الاستفتاح والدعاء الخاص به.
الاستفتاح في اللغة هو طلب الفتح، وهو عكس الإغلاق، ومعنى يستفتحه: إذا طرقه ليُفتح له، والاستفتاح له معنى آخر وهو القضاء والحكم، ومعناه في الصلاة هو الذكر الذي نبدأ به الصلاة.
دعاء الاستفتاح هو الدعاء الذي تستفتح به الصلاة سواء صلاة فريضة أم نافلة ويكون بين التكبير والقراءة أي بعد التكبير وقبل قراءة الفاتحة والقرآن.
وبعدما تضع كف يدك اليمنى على ظهر كف يدك اليسرى تستفتح بهذا الدعاء الذي له صيغ مختلفة، سنتعرف عليها في هذه المقالة.
حكم دعاء الاستفتاح
الاستفتاح هو فاتحة الشيء: أي ما يكون في أوله، وقد يسمى بدعاء الثناء.
- الاستفتاح هو طرق الباب للدخول على الله في بداية الصلاة، وهو سُنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس واجب.
- ويشرع أن يؤتى به بعد التكبيرة الأولى (تكبيرة الإحرام) في الصلاة سواء في الصلوات المفروضة أو النوافل، لكن المالكية يخالفون ذلك، ويقولون أن الاستفتاح قبل تكبيرة الإحرام، وليس بينها وبين القراءة.
- وهو مستحب، لا تبطل الصلاة بتركه لا في النافلة ولا في الفريضة.
- من السُنة أيضًا أن يُقرأ الاستفتاح سرًا، سواء كان إمامًا أو مأمومًا أو منفردًا، قال النووي منَ الشافعيةِ: السنة فِيهِ الإِسْرَارُ، فَلَوْ جَهَرَ بِهِ كَانَ مَكْرُوهًا، وَلاَ تَبْطُل صَلاَتُهُ.
صيغة دعاء الاستفتاح
قد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم بدعاء الاستفتاح أكثر من حديث، منهم:
- عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذا استَفتَحَ الصَّلاةَ قال: سبحانَك اللَّهمَّ وبحمدِك، وتبارَكَ اسمُك، وتعالى جَدُّك، ولا إلهَ غيرُك)، وهو من أقصر الأدعية، وهذا هو رأي جمهور الحنفية والحنابلة، ومعناه: أنزهك يا ربي عن كل شيء لا يليق بك؛ من الشرك والصفات الناقصة؛ كالنعاس والعجز، ونحو ذلك، هو سبحانه منزه عن كل نقص وعن كل عيب، وهو الكامل في ذاته.
- (اللَّهُمَّ باعِد بَيني وبينَ خطايايَ، كما باعَدتَ بينَ المشرقِ والمغرِبِ، اللَّهمَّ نقِّني من خطايايَ، كالثَّوبِ الأبيضِ منَ الدَّنسِ، اللَّهمَّ اغسِلني من خطايايَ بالماءِ والثَّلجِ والبردِ).
- عن علّي بن أبي طالب رضي الله عنه: (أنّ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أنَّهُ كانَ إذَا قَامَ إلى الصَّلَاةِ، قالَ: وَجَّهْتُ وَجْهي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا، وَما أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي، وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ، وَمَمَاتي لِلهِ رَبِّ العَالَمِينَ……).
- (وجَّهتُ وجهي للذي فطر السماواتِ والأرضِ حنيفًا وما أنا من المشركين. إنَّ صلاتي ونسُكي ومحيايَ ومماتي لله ربِّ العالمين لا شريك له وبذلك أُمِرتُ وأنا من المسلمِين)، وهذا مذهب الشافعية وقَوْل الآْجُرِّيِّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ.
بعض الأحكام المتعلقة بها
- السنة أن ينوع في الاستفتاح، وما كان النبي عليه الصلاة والسلام يجمع كل أدعية الاستفتاح في نفس الصلاة، ولكن كان ينوع في كل صلاة يقرأ دعاء مختلف، وإن استمر على واحد فلا بأس.
- الاستفتاح سنة مستحبة، ولو ترك ذلك فلا حرج عليه، ولو صلى ولم يستفتح صلاته صحيحة عند جميع العلماء.
- كان النبي يستفتح في الليل بقوله: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
- للعلماء في مسألة الاستفتاح في صلاة الجنازة قولان مشهوران:
- القول الأول: صلاة الجنازة لا يشرع لها الاستفتاح، وإنما تكبر وتبتدئ بقراءة الفاتحة، وذلك لثبوت السنة من حديث أبي أمامة، وكذلك حديث ابن عباس رضي الله عن الجميع في صفة صلاته عليه الصلاة والسلام على الجنائز، فذكرا أنه استفتح بالفاتحة، وأنه لم يقرأ غير الفاتحة، ولم يفصل بين الفاتحة والتكبير بدعاء.
- القول الثاني: يُسنّ أن يقرأ الاستفتاح في صلاة الجنازة في التكبيرة الأولى، وهذا هو مذهب الحنفية رحمة الله عليهم؛ لأنهم يروا أن الاستفتاح داخل في جنس ما قرروه من أن صلاة الجنازة تقوم على الدعاء والشفاعة للميت.
والذي يترجح والعلم عند الله القول بعدم مشروعية دعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة.